تفجير فندق سميراميس

في يوم ماطر شديد البرودة من شهر كانون الثاني عام 1948، استعدت عصابة الهاجاناة لاقتراف جريمة ارهابية تركت أثراً واسعاً في فلسطين آنذاك. الهدف كان فندق سميراميس، فندق صغير في حي القطمون مكوّن من ١٤ غرفة،
تكلفة تشييده بلغت ١٧ ألف جنيه فلسطيني استأجره رؤوف لورينزو من سيدة يونانية وافتتحه في غربي المدينة لاستقبال كبار زوارها واقامة الاحتفالات والمناسبات المختلفة.
استغلت الهاجاناة الظروف الجوية والعواصف الرعدية فقطعت التيار الكهربائي عن القطمون، فظن السكان أن خللاً أصاب المولدات بفعل الأمطار، ولتشتيت انتباه الحرس الوطني والمقاتلين العرب، افتعلوا اشتباكاً في حي البقعة الفوقا وأطراف بيت صفافا استمر لساعات ثم انسحبوا.
بعد ذلك انطلقت سيارتان تحملان ثمانية أفراد من الهاجاناة من حي رحاڤيا عبر طريق الطالبية ووصلتا القطمون، بدايةً وضعوا قنبلة صغيرة أمام مدخل فندق سميراميس فتحطمت البوابات الخارجية فوراً ثم زرعوا عبوةً ناسفة كبيرة في الغرف السفلية..
ما هي الّا ثوانٍ حتى دوّى انفجارٌ هائل استقيظ عليه كل سكان مدينة القدس. وخلال انسحاب العصابات الصهيونية شرعوا بإطلاق النار على المنازل المجاورة في الحي فتصدى لهم أحد أفراد الحرس الوطني الذي كان قريباً من المكان واسمه محمد أحمد صالح من قرية بيت ريما شمال غرب رام الله، تبادل معهم اطلاق النار فأصيب برصاصة في رأسه واستشهد.

هرع أهالي القدس والحرس الوطني والبوليس البريطاني الى مكان الانفجار، كما توجه أطباء المدينة ومتطوعات الاتحاد النسائي العربي لإسعاف الجرحى محاولين ازالة الأنقاض وانتشال الجثث فواجهوا صعوبة كبيرة بسبب الاحوال الجوية.
كما أحضر البريطانيون الرافعات التي استخدموها لإزالة أنقاض فندق الملك داوود بعد تفجيره على يد الإرجون عام ١٩٤٦.
استمر انتشال الجثث أياماً ووصل عدد الشهداء الى أكثر من ٢٤ شخصاً منهم عائلة أبو صوان بجميع أفرادها رجالاً ونساءً وأطفالاً، عائلة لورينزو، عمالاً مصريين، موظفو بعض القنصليات كالقنصلية العراقية، كما قتل مانويل سالازار نائب قنصل اسبانيا في فلسطين ونزلاء آخرين.
شهدت تلك الفترة هجمات عديدة كتفجير السراي الحكومي في يافا واستشهاد ١٧ فلسطينياً، وتفجير في منطقة باب الخليل بالقدس أودى بحياة ١٥ فلسطيني،
والهجوم الدموي على سوق الخضار في الرملة بعد تسلل احد افراد العصابات الصهيونية وتنكره بزي عربي ليزرع قنبلة هناك ويقتل عدداً من المدنيين، فجاء رد القيادة العربية العليا على هذه الاعتداءات سريعاً، ففي يوم ٢٢ شباط جهّز المرحوم فوزي القطب خبير المتفجرات ثلاثة شاحنات ملغومة انفجرت في شارع بن يهودا في القدس أدت الى مقتل ٥٨ صهيونياً.

#كنا_وما_زلنا
المصادر: صحيفة الشعب، صحيفة الدفاع وصحيفة فلسطين.